قبل عامين فقط بدا راؤول جونزاليس نجم وقائد نادي ريال مدريد الأسباني لكرة القدم وكأنه قد انتهي فقد بدأت أهداف راؤول مع ريال مدريد والمنتخب الأسباني تنضب منذ عام 2003 وبدا اللاعب متوتراً وغريباً علي أرض الملعب بل ومحبطاً بسبب ما بدا وقتها وهو في ال 28 من عمره وكأنه هبوط شديد لا رجعة فيه بمستوي أدائه.
لم يعد راؤول بعدها أبرز نجوم ريال مدريد لدي جماهير النادي العريق حتي أن بعض هذه الجماهير كانت تقترح في مواقع الإنترنت المختلفة أن يباع اللاعب حتي يفسح المجال أمام المهاجم الإيطالي الشاب أنطونيو كاسانو آخر النجوم العمالقة الذين انضموا إلي ريال مدريد.. وكان كاسانو والنجم البرازيلي رونالدو يمثلان مستقبل ريال مدريد في الوقت الذي لم يكن راؤول يمثل فيه أكثر من مجرد ماض.
مما زاد الأمر سوءاً إصابة راؤول بتمزق شديد في أربطة ركبته اليسري خلال مباراة قمة الدوري الأسباني التي مني فيها ريال مدريد بهزيمة مهينة بنتيجة صفر/3 من ضيفه برشلونة علي ملعب "سانتياجو برنابيو" في نوفمبر من عام ..2005 وكان يخشي من أن يكون راؤول في حاجة لإجراء عملية جراحية وأن يكون الموسم قد انتهي بالنسبة له وهو ما كان سيعني بدوره غياب اللاعب عن بطولة كأس العالم 2006 بألمانيا.
توقع بعض المحللين أن يكون مستقبل راؤول قد انتهي بالفعل وأن يكون مخزون اللاعب قد انتهي بسبب لعبه مرتين أسبوعياً منذ أكتوبر من عام 1994 عندما أصبح أصغر لاعب أساسي في تاريخ ريال مدريد وعمره لم يتجاوز 17 عاماً وأربعة أشهر.. ولكن بعد مرور عامين فقط تبخرت هذه التنبؤات في الهواء.
العودة للماضي
عاد كل من رونالدو وكاسانو إلي إيطاليا بعدما عاني كلاهما من مشاكل كبيرة بريال مدريد.. أما راؤول فقد عاد إلي أفضل مستوي له طوال مشواره الرياضي الطويل ذلك المستوي الذي لم يصدق الكثيرون من الناس أنهم قد يرون راؤول يؤدي به من جديد.. وسجل راؤول حتي الآن ثمانية أهداف لريال مدريد في الدوري الأسباني لهذا الموسم ليساعد الفريق علي الاحتفاظ بصدارة ترتيب البطولة هذا إلي جانب ثلاثة أهداف في بطولة دوري أبطال أوروبا.
كانت أحدث أهداف راؤول مع ريال مدريد بدوري الأبطال يوم الثلاثاء قبل الماضي عندما سجل الهدف الثاني للفريق في المباراة التي تغلب فيها علي لاتسيو الإيطالي 3/1 ليساعد ريال مدريد علي حجز مكانه الطبيعي وسط أفضل 16 فريقاً أوروبياً.. وبهذا الهدف الأخير تقدم راؤول إلي صدارة قائمة هدافي بطولة دوري أبطال أوروبا منذ أن قدمت في شكلها الجديد بموسم 1992/1993 برصيد 59 هدفاً في 114 مباراة بفارق ستة أهداف عن زميله الحالي بريال مدريد الهولندي رود فان نيستلروي.
كان راؤول قد سطر اسمه بالفعل في سجلات التاريخ ببطولة دوري الأبطال قبل أعوام. ففي عام ..2002 وأحرز راؤول ميداليته الذهبية الثالثة بدوري الأبطال وهو في ال 24 من عمره. وكان اللاعب الشاب قد سجل أهدافاً لريال مدريد في اثنتين من مباريات النهائي الثلاث التي توج فيها فريقه باللقب "أمام بلنسية عام 2000 وأمام باير ليفركوزن الألماني عام 2002".
أثبت راؤول أنه يستمتع بلعب كرة القدم الآن أكثر من أي وقت مضي.. وكان من الواضح أن شهيته القديمة للتهديف قد فتحت من جديد.. ولم يكف راؤول عن التملص من مراقبيه بفريق لاتسيو وكان يطلب الكرة من زملائه ويقترب كثيراً من أحداث اللعب.. ولطالما قيل عن راؤول إنه ليس لاعباً فذاً في جانب بعينه ولكنه أيضا لا توجد لديه نقاط ضعف واضحة فهو ليس لاعباً سريعاً أو لديه تسديدات صاروخية. كما أنه ليس أكثر من يجيد ضربات الرأس ولا الأفضل في المراوغة.
لكنه علي الجانب الآخر يجيد التسديد بكلتا قدميه ولديه توقيت جيد في القفز عالياً وتمريراته مميزة.. وقبل أي شيء يمتلك راؤول تلك الموهبة النادرة التي يتمتع بها جميع المهاجمون "مثل جيمي جريفز وجيرد مولر وفيليبو إنزاجي" وهي القدرة علي التواجد في المكان الصحيح داخل منطقة الجزاء في الوقت المناسب.. وأفصح راؤول عن أحد أسباب بزوغ نجمه من جديد لصحيفة "آيه.بي.سي" الأسبانية قبل شهر واحد حيث صرح راؤول للصحفية الأسبانية بأنه يقضي معظم لياليه داخل خيمة الأوكسجين الخاصة به التي يصل ثمنها إلي 20 ألف يورو.
تحاكي هذه الخيمة التي تعرف علي نحو أكثر دقة باسم "غرفة الأوكسجين الناقص" الأحوال الجوية في المرتفعات لزيادة قوة احتمال الرياضيين عن طريق تقليل تركيز الأوكسجين في الهواء وزيادة عدد كرات الدم الحمراء التي ينتجها الجسم.. وأعرب راؤول عن اقتناعه بأن تلك الليالي التي أمضاها بمفرده داخل خيمة الأوكسجين حيث عادة ما تبقي زوجته خارج الخيمة ساعدته علي تحسين حالته البدنية.
بعد فوز ريال مدريد علي لاتسيو تحدث راؤول إلي محطة "كادينا كوبي" الإذاعية ليس عن أمله في تجاوز الدور الثاني من دوري الأبطال وهو ما لم يفعله ريال مدريد منذ عام 2004 وحسب وإنما عن رغبته أيضا في أن يكون لاعباً بالمنتخب الأسباني المشارك في بطولة الأمم الأوروبية المقبلة يورو .2008 مازال راؤول محتفظاً بالمركز الثاني في قائمة أكثر اللاعبين تمثيلاً لأسبانيا "خلف حارس مرمي المنتخب الأسباني خلال تسعينيات القرن الماضي أندوني زوبيزاريتا" برصيد 102 مباراة دولية مع منتخب بلاده.. ومع ذلك فقد اتخذ مدرب أسبانيا الحالي لويس أراجونيس قراراً مثيراً للجدل بعدم ضم راؤول لمنتخب البلاد منذ أكتوبر من عام 2006 ليفتح المجال أمام كل أنواع الشائعات والقيل والقال حول وجود خلافات بين الرجلين.
لكن راؤول قال عقب مباراة دوري الأبطال أمام لاتسيو "يجب أن ندع لويس يعمل.. ويتخذ قراراته بنفسه.. أما أنا فيراودني حلم الذهاب "لنهائيات يورو 2008" وهذا ما أعمل علي تحقيقه".