لم تكن مباراة مصر مع الكاميرون يوم الثلاثاء الماضي المشهد الأخير في كأس الأمم الأفريقية بغانا, إلا أن نتيجتها وأحداثها وأهدافها سرقت كل الأضواء وشغلت الجميع داخل غانا وخارجها فما حدث كان مفاجأة للجميع في الكاميرون ومصر والعالم.
أقوي منتخب في القارة السمراء' أسد الغابة الكروية' الذي شارك خمس مرات في المونديال وبطل افريقيا4 مرات يسقط بالأربعة أمام منتخب مصر ويصاب بحالة من الذعر والارتباك في شوط شهد ثلاثة أهداف.
نجوم برشلونة ونيوكاسل ومارسيليا وهامبورج واسبانيول وارسنال وليل, تعطلت قدراتهم أمام منتخب لايضم بين صفوفه إلا لاعبين فقط مع أندية أوروبية وهما زيدان ومحمد شوقي, ولكن كرة القدم ليست بالتاريخ ولا بالأسماء ولا بالطول ولا العرض ولا باللون ولكن بالعرق والأداء والكفاح والالتزام والذكاء والثقة والصبر والإصرار والطموح والتنظيم.
منتخبنا الوطني كان يدرك جيدا مدي صعوبة المواجهة ولعب بواقعية والتزام وهدوء وثقة بدون مغامرات غير محسوبة أو إجتهادات خارج النص التكتيكي لأن المغامرة مع الأسود ثمنها غال جدا وكل لاعب كان يدرك ذلك وأرتفع الجميع بالمسئولية علي مستوي وقيمة وأهمية الحدث, وحسن شحاتة كعادته في المواجهات الكبيرة يعرف كيف يتعامل مع المنافس, و يختار التشكيل بشكل جيد ويدير اللقاء ببراعة ويجري التغييرات في الوقت المناسب ويفرض إيقاعه, والأهداف الأربعة لمصر تكشف أربعة أسباب صنعت هذا الفوز الذي سيبقي في الذاكرة طويلا سواء وصلنا للمباراة النهائية أو لم نصل.
الهدف الأول جاء من ضربة جزاء لحسني عبد ربه ولكن الهجمة من بدايتها صنعها عماد متعب في منتصف الملعب عندما ضغط علي اتوبا الظهير الأيسر واستعاد منه الكرة ومرر إلي زيدان ومنه إلي عمرو زكي فأعادها مرة أخري إلي زيدان في الطرف الأيمن ليتقدم ويمرر كرة عرضية ذهبت إلي حسني عبد ربه داخل منطقة الجزاء لتلمس يد المدافع بيكي ويحتسبها الحكم ضربة جزاء.
الهدف الثاني يحتاج إلي' ستوب ووتش' لنحسبها بالثانية
محمد زيدان استلم الكرة في منتصف ملعب مصر وقطع كل هذه المسافة بالكرة وبدونها في7 ثوان و78 جزءا من الثانية حتي دخلت الكرة شباك كارلوس وكاميني وأستغرق زمن الهجمة كلها منذ أن لعب هاني سعيد الكرة من داخل منطقة جزاء مصر إلي زيدان ثم متعب وعادت إلي زيدان عشر ثوان و18 جزءا من الثانية.
هجمة مثالية في الوقت وعدد التمريرات وسرعة التحول من الدفاع للهجوم وهي تحتاج إلي عداء مائة متر مثل أسافا باول وليس لاعب كرة ولكن زيدان تحرك بكل سرعة ورشاقة وإصرار وتركيز ومرر وأعاد له عماد متعب الكرة في مكان مثالي وهو في الطريق إلي المرمي وهذا الهدف الخاطف كان بمثابة مفتاح النصر لأنه أربك كل حسابات الكاميرون في أول17 دقيقة.
وإذا كان الهدف الثاني جاء من ثلاث تمريرات في عشر ثوان فإن الهدف الثالث قبل نهاية الشوط الأول جاء من تمريرة واحدة عندما سدد عصام الحضري ضربة مباشرة من خارج منطقة الجزاء إلي داخل منطقة جزاء الكاميرون أبعدها سونج كابتن الفريق برأسه إلي محمد زيدان علي حدود منطقة الجزاء الذي استقبلها علي صدره وسددها بكل قوة ودقة وبراعة داخل الشباك.
بينما أكد الهدف الرابع قوة المنتخب المصري التي تكمن في التسديد من خارج المنطقة وبراعة خط الوسط في أداء الدور الهجومي و تنقلت الكرة بين أقدام لاعبينا10 مرات في منتصف ملعب الكاميرون بكل ثقة وحرية حتي وصلت من ابوتريكه إلي حسني عبد ربه ليسدد من خارج المنطقة.
الأهداف الأربعة جاءت لتؤكد قوة خط وسط المنتخب وقدرته علي الحسم وأداء الدور الهجومي بشكل سريع و مؤثر وبذلك يضع أمام حسن شحاتة العديد من الخيارات التكتيكية والحلول للمواقف المختلفة.
وخلال آخر25 مباراة دولية رسمية ودية أحرز المنتخب39 هدفا منها20 هدفا لرجال الوسط عن طريق أحمد حسن'7 أهداف' وكل من حسني عبد ربه ومحمد زيدان'4 أهداف' وأبوتريكة'3 أهداف' وحسام غالي' هدفان', إذن خط الوسط يشكل أبرز الملامح البارزة في شخصية المنتخب الهجومية حيث يملك الكثير من الحلول سواء بالاختراق أو التسديد من خارج المنطقة عن طريق أحمد حسن وحسني عبد ربه وزيدان وأكبر نسبة من الأهداف أحرزها المنتخب في أخر عامين جاءت من تسديدات من خارج المنطقة وصل عددها إلي10 أهداف.
وعلي الجانب الآخر كشف هدفا الكاميرون في مرمي مصر عن نقطة ضعف تكررت كثيرا خلال آخر عامين وهي الكرات العرضية من الجانب الأيسر وراء المدافعين لانجيد التعامل معها ومافعله جريمي نيتاب عندما مرر علي رأس صامويل إيتو شاهدنا مثله كثيرا أمام أوروجواي وموريتانيا واليابان وانجولا وكل من الكونجو والسنغال في كأس الأمم الأفريقية الماضية مايقرب من نصف الأهداف التي تدخل مرمانا بكرات عرضية وراء المدافعين من الجانب الأيسر, ومن المؤكد أن منتخبنا الوطني أمام السودان غدا لن يجد كل هذه المساحات الواسعة التي تحرك فيها أمام الكاميرون لأن' صقور الجديان' لن يلعبوا بإندفاع كما فعل الكاميرون بل سيلعبون بحذر ويعتمدون علي الهجمات المرتدة خاصة أن' موقعة وادي النيل' دائما يغلب عليها الحماس والقوة