بينما انطلقت في20 يناير الحالي منافسات
بطولة كأس الامم الإفريقية في غانا داخل المستطيل الاخضر بين المنتخبات
الإفريقية بنجومها المحليين والمحترفين البالغ عددهم368 لاعبا, انطلقت
في نفس التوقيت منافسات اخري لاتقل سخونة وشراسة بين مكتشفي المواهب في
مدرجات غانا وكواليس غرف ملابس اللاعبين ومطاعم هذه الدولة الواقعة في غرب
إفريقيا من اجل اتاحة الفرصة امام مزيد من اللاعبين الأفارقة للاحتراف
الخارجي. فقد امتلأت استادات المدن الغانية الاربعة التي تستضيف
المونديال الإفريقي في نسخته السادسة والعشرين بخبراء الكرة وسماسرة
اللعبة ووكلاء اللاعبين من كل صوب لرصد المواهب الإفريقية التي لم تذق بعد
طعم ملايين الاحتراف وكذلك التقاط المواهب التي احترفت لكنها تسعي
للانتقال من أندية أوروبية متوسطة الصيت والثراء إلي أندية اكبر أكثر صيتا
وثراء بعد ان أصبحت القارة السمراء مصنعا لتفريخ المواهب الكروية وتصديرها
لمعظم البطولات المحلية في جميع انحاء العالم.
ويشار في هذا
الصدد إلي مايتردد في بورصة اللاعبين الأفارقة في هذه البطولة, حيث
يتحدث الخبراء الكرويون عن مبالغ كبيرة معروضة لشراء النجوم الأفارقة من
امثال محمد زيدان لاعب هامبورج الالماني وحسني عبد ربه لاعب الاسماعيلي
المصري وعماد متعب مهاجم الاهلي وياسين الشيخاوي صانع العاب المنتخب
التونسي الشاب الذي يقدر سعره الآن بـ10 ملايين يورو بعد ان انتقل في
صيف عام2007 إلي نادي زيورخ السويسري ولعل ذلك يبرهن علي ان لاعبي كرة
القدم الأفارقة أصبحوا ثروة تمتلكها القارة.
أما إذا نظرنا إلي
المبالغ الخرافية التي دفعتها الأندية الأوروبية في اهم10 لاعبين
محترفين يلعبون الآن في صفوفها فسوف يتضح ان سعرهم مجتمعين يزيد علي235
مليون يورو اي ما يقرب2 مليار جنيه مصري, وهو مبلغ يشير بوضوح إلي أن
المهارات الإفريقية أصبحت تمثل سوقا رائجة تدر المليارات, وانه إذا تم
انتهاج الاسلوب العلمي ووضع تشريعات تنظم عملية الاحتراف الخارجي فإنه
يمكن تحويل احتراف المواهب الإفريقية إلي صناعة حقيقية تعود بالمليارات
علي اقتصاديات الدول الإفريقية تماما مثل المواد الأولية التي تزخر بها
بلدان القارة السمراء.
فمايكل اسيين الغاني الذي يترأس قائمة
اغلي عشر صفقات إفريقية انتقل لتشيلسي الانجليزي بـ38 مليون يورو
وديدييه دروجبا الايفواري لنفس النادي بـ36 مليون يورو ومحمدو ديارا
المالي لريال مدريد الاسباني بـ28 مليون يورو وصامويل ايتو الكاميروني
لبرشلونة بـ24 مليون يورو وجون اوبي ميكل النيجيري لتشيلسي بـ23 مليون
يورو وشاباني نوندا الكونغو الديقراطية لموناكو الفرنسي بـ22 مليون يورو
وعبدالقادر كيتا الايفواري لليون الفرنسي بـ18 مليون يورو وايجبيني
يعقوبو النيجيري لايفرتون الانجليزي بـ17,3 مليون يورو واوبافيمي
مارتينز النيجيري لنيوكاسيل الانجليزي بـ15 مليون يورو, وهو نفس
المبلغ الذي دفعه نادي ليفربول الانجليزي في السنغالي الحاج ضيوف.
و
تشير بجلاء هذه المبالغ الخيالية إلي أن اللاعب الإفريقي أصبح سلعة رائجة
يتهافت عليها الجميع حتي وصل عدد اللاعبين الأفارقة الذين يلعبون في مختلف
دول العالم إلي3 آلاف لاعب.
فإذا كان اللاعب الإفريقي المحترف
موجودا بقوة في فرنسا وبريطانيا واسبانيا والمانيا وبلجيكا فانه موجود
ايضا في دول الخليج العربي والصين واندونيسيا والهند واسرائيل وإمريكا
اللاتينية وماليزيا وفيتنام وكامبوديا وغيرها.
ويكشف البروفسير
الايطالي رفائيل بولي استاذ الجغرافيا في دراسة مستفيضة عن أماكن جذب
المواهب الإفريقية عن أن كل عام يشهد انتقال أكثر من3500 لاعب إفريقي
للاحتراف الخارجي في صفقات تقدر بالمليارات ولكن ذلك لا يعني ان كل هؤلاء
اللاعبين يحققون النجاح المطلوب, فالموهوب منهم يواصل المسيرة في بطولات
المحترفين أو الهواة فيما يعود غير الموهوبين من حيث اتوا أو يعملون في
مجال غير مجال كرة القدم.فخلال السنوات العشر الماضية ارتفع عدد
المحترفين الاجانب في البطولات الأوروبية الخمس الكبري( انجلترا,
اسبانيا, ايطاليا, المانيا, فرنسا) من463 لاعبا إلي998 لاعبا
معظمهم من الأفارقة.
وتكشف الدراسة عن أن أندية هذه الدول
الأوروبية الخمس انفقت ما يزيد علي2 مليار يورو في العام2007 لشراء
لاعبين محترفين اجانب كان نصيب إفريقيا منها300 مليون يورو(2,5 مليار
جنيه) ذهبت لأندية ولاعبين ووكلاء لاعبين وسماسرة ورؤساء أندية. ويمثل
اللاعبون الأفارقة نسبة18% من اجمالي عدد اللاعبين في73 بطولة يلعب
بها المحترفون في الدول الأوروبية.
ونقلت مجلة' جون افريك'
الفرنسية عن نفس الدراسة ان اللاعب الإفريقي يوجد ايضا بقوة في البطولات
الأوروبية للهواة فعددهم زاد علي2000 لاعب في العام2007, غير ان بعض
اللاعبين الأفارقة الهواة يمكن ألا يزيد راتب الواحد منهم علي400 يورو
شهريا وهو مبلغ زهيد إذا ما قورن بما يحصل عليه لاعب إفريقي محترف من
العيار الثقيل مثل الايفواري ديدييه دروجبا الذي يصل راتبه الشهري
إلي600 الف يورو.
وتأتي فرنسا علي رأس الدول الأوروبية التي
تحتضن المواهب الإفريقية فاللاعبون الأفارقة الذين ولدوا في إفريقيا
يمثلون نسبة46% من نحو69 لاعبا اجنبيا محترفا يلعبون في دوري الدرجة
الأولي للمحترفين في فرنسا.
وتعد فرنسا معبرا مهما للاعبين
الأفارقة إلي بقية الدول الأوروبية فالبعض منهم يذهب إلي دول أوروبية
عريقة لو اظهر موهبة خارقة بينما يذهب من يظهر موهبة اقل إلي بطولات
أوروبية أقل قوة وشهرة وثراء مثل رومانيا واوكرانيا ومولدافيا املا في
اثبات الوجود للانتقال للعب في بطولات أوروبية كبري في مرحلة لاحقة.
و
قد أدي نجاح العديد من المواهب الإفريقية في مختلف دول العالم إلي تحويل
احتراف المواهب الإفريقية إلي' بيزنس' حقيقي فبادر بعض وكلاء اللاعبين
بشراء لاعبين أفارقة موهوبين من صغار السن بحفنة من الدولارات من ابيدجان
وداكار واكرا ولومي ولاجوس ليتم اعادة بيعهم بالملايين في الدول الأوروبية
أو في دول أخري.
و قد شجعت المكاسب التي حققها بعض السماسرة
ووكلاء اللاعبين من تجارة بيع اللاعبين الأفارقة الموهوبين إلي العالم
الخارجي إلي انتشار مدارس تعليم الكرة وتنمية المواهب في العديد من الدول
الإفريقية. فالعاصمة الايفوارية ابيدجان علي سبيل المثال يوجد بها الآن
أكثر من400 مدرسة للمواهب الكروية بعضها يقام وفقا للقواعد العلمية
والبعض الاخر يقام بشكل عشوائي لدرجة ان بعض السماسرة ووكلاء اللاعبين ـ
كما يؤكد باسكال تيو مدير مركز تدريب نادي اسيك ابيدجان ـ يجمعون بعض
المواهب الإفريقية الشابة في حدائق منازلهم املا في العثور لهم علي عقود
احتراف خارجية. ويعود انتشار مراكز تدريب المواهب الإفريقية إلي المكاسب
الهائلة التي يحققها وكلاء اللاعبين من عمليات بيع اللاعبين الأفارقة
المحترفين فوكيل اللاعب الإفريقي المحترف في دوري الدرجة الأولي الفرنسي
علي سبيل المثال يحصل علي نسبة تتراوح بين7 و10% من دخل اللاعب الذي
يصل في بعض الاحيان إلي500 الف يورو في الشهر