وسط مزيج من التفاؤل والحذر يخوض منتخبنا الوطني لكرة القدم اختباراً
جديداً في رحلة الدفاع عن لقبه الافريقي الغالي عندما يلتقي مع نظيره
الانجولي علي استاد "بابا يارا" بمدينة كوماسي الغانية في مواجهة مثيرة
بالدور الثاني "دور الثمانية" لبطولة كأس الأمم الافريقية السادسة
والعشرين 2008 والمقامة حالياً في غانا.
ويرفع منتخبنا في هذه المباراة التي تقام في الخامسة مساء بتوقيت
غانا السابعة بتوقيت القاهرة شعار "الحسم المبكر" حيث يدرك جيداً أن
الطريق إلي الفوز يكمن في خطف المنافس مبكراً مثلما حدث أمام المنتخب
الكاميروني في الدور الأول ولذلك ينتظر أن يخوض الفريق مباراة اليوم بنفس
أسلوب تعامله مع مباراة المنتخب الكاميروني.
لا يختلف اثنان علي الفارق الكبير بين منتخبنا ونظيره الانجولي في
التاريخ والخبرة ولكن أياً من المنتخبين لم يعد يضع هذا الفارق في حساباته
فالكرة في الملعب والحسم في عقول وأقدام المدافعين ويبقي التوفيق في
استغلال الفرص أحد عوامل الحسم في هذه اللقاءات الصعبة.
لذلك يخوض منتخبنا مباراة اليوم وهو يضع في اعتباره انه لا مجال
لإهدار الفرص بل انه يحتاج أيضاً إلي استغلال أنصاف الفرص أمام مرمي
المنتخب الأنجولي خاصة وانه يدرك جيداً قوة منافسه الذي فرض نفسه ضمن
القوي الكروية الكبري في القارة السمراء بعد تأهله لنهائيات كأس العالم
2006 بألمانيا للمرة الأولي في تاريخه.
عنصر المفاجأة
لم يخل مشوار الفريقين في الدور الأول من عنصر المفاجأة فقد نجح
منتخبنا في تحقيق فوز كبير ومفاجئ علي المنتخب الكاميروني 4/2 في بداية
رحلة الدفاع عن اللقب.. وربما يري البعض ان فوز فريقنا علي الكاميرون ليس
مفاجأة باعتبار ان منتخبنا هو حامل اللقب ولكن ما يجعله مفاجأة بالفعل هو
النتيجة الكبيرة بالاضافة إلي أن معظم الترشيحات إن لم تكن كلها كانت تصب
في مصلحة المنتخب الكاميروني لاحتلال قمة المجموعة.. وبعدها استكمل
منتخبنا مشواره في الدور الأول بالفوز علي المنتخب السوداني 3/صفر ثم
تعادل 1/1 مع زامبيا ليحتل قمة مجموعته.
أما المنتخب الانجولي فكان المفاجأة الكبيرة في الدور الأول حيث نجح
في الاطاحة بجميع التوقعات عرض الحائط بعدما حجز إحدي بطاقتي المجموعة
الرابعة إلي الدور الثاني بعدما كانت جميع الترشيحات تتجه إلي منتخبي تونس
والسنغال.
كان المنتخب الانجولي في طريقه لتحقيق الفوز علي جنوب افريقيا في
المباراة الأولي بالدور الأول ولكن شباكه استقبلت هدفاً من خطأ دفاعي قبل
نهاية المباراة بثلاث دقائق فقط وبعدها نجح المنتخب الانجولي في تحويل
تخلفه أمام السنغال بهدف في الشوط الأول إلي فوز ثمين 3/1 في الشوط الثاني
وهو ما يؤكد انه فريق يتميز باللعب حتي اللحظة الأخيرة.. وظهرت إحدي
مميزات هذا الفريق خلال المباراة الثالثة في المجموعة والتي انتهت بتعادله
مع المنتخب التونسي سلبياً حيث أكد الفريق تفوقه في النواحي الدفاعية حيث
اهتزت شباكه مرتين فقط في المباريات الثلاث التي خاضها في الدور الأول.
هجوم الفراعنة
ومن ثم لن تكون مهمة هجوم منتخبنا الوطني سهلة في مواجهة هذا الفريق
وهو ما يبرر ضرورة خطف هدف مبكر يدفع فهود أنجولا إلي لعب مباراة مفتوحة
تسهل من مهمة هجوم الفراعنة.. أما الانتظار فيعني الدخول في دوامة الشك
حول قدرة لاعبينا علي مجاراة فهود أنجولا في عنصر اللياقة البدنية التي
يتميز بها المنتخب الانجولي في الشوط الثاني بالاضافة إلي أن تدريبات
المنتخب الانجولي وخاصة التدريب الذي أداه الفريق علي الملعب الرئيسي
باستاد "بابا يارا" في كوماسي شهد تسديد العديد من ضربات الترجيح وهو ما
قد يعني أن الفريق الأنجولي يسعي للوصول بالمباراة إلي ضربات الترجيح إذا
فشل في هز شباك عصام الحضري حارس مرمي منتخبنا.
لذلك ينتظر أن يدفع حسن شحاتة المدير الفني لمنتخبنا بتشكيل متوازن
وأن يشهد تشكيل خط الوسط في هذه المباراة اللاعبين الذين يمكنهم الأداء
الدفاعي بنفس قوة الأداء الهجومي وهو ما يرجح كفة مشاركة أحمد حسن رجل
المواقف الصعبة وصاحب الخبرة الطويلة لما له من قدرة علي قيادة زملائه
لضبط النفس وضبط إيقاع اللعب وتوزيع الجهد بشكل جيد علي مدار شوطي
المباراة بفضل خبرته التي اكتسبها من الاحتراف في أوروبا.
ولكن رغبة الجهاز الفني للفريق في حسم المباراة مبكراً مع التأمين
الدفاعي قد تدفعه إلي الدفع برأس حربة واحد صريح وهو عمرو زكي بالتأكيد مع
وجود لاعب آخر خلفه لخلخلة الدفاع ويرجح أن يكون محمد زيدان للاستفادة من
محمد أبو تريكة في الشوط الثاني من المباراة.. وقد يلعب متعب بجوار عمرو
زكي كالمعتاد مع الاكتفاء بأحمد حسن خلفهما خاصة وأن متعب نجح في تسجيل
الأهداف الثلاثة للفريق في المباراة الودية التي جمعت بين المنتخبين في
البرتغال قبل بداية البطولة الحالية.
أما الدفاع فيمثل مشكلة كبيرة بالفعل للجهاز الفني حيث يحتاج شحاتة
إلي مدافع يستطيع القضاء تماماً علي خطورة ومشاكسات فلافيو وبمعني أكثر
وضوحاً أن يخرج فلافيو من نطاق الخدمة تماماً.. وتكمن المشكلة الأكبر في
الدفاع في الصراع الثلاثي بين إبراهيم سعيد وشادي محمد الذي خاض مباراة
الفريق السابقة أمام زامبيا ومحمود فتح الله العائد لصفوف الفريق بعد
انتهاء إيقافه الذي حرمه من المشاركة أمام زامبيا.. ولذلك يحتفظ شحاتة
بالتشكيل سراً في رأسه حتي قبل المباراة مباشرة للحفاظ علي روح المنافسة
والحالة المعنوية للاعبين في أقصي درجاتها.
في المقابل يسعي المنتخب الانجولي إلي استغلال معرفته الجيدة
بمنتخبنا بعد اللقاء الودي الذي جمع بينهما في البرتغال من أجل إيقاف زحف
الفراعنة علي طريق الدفاع عن اللقب الافريقي.. وربما يكون لوجود فلافيو
وجيلبرتو في صفوف الأهلي منذ فترة طويلة عاملاً مساعداً للمنتخب الانجولي
في هذه المباراة حيث يحفظ فلافيو وجيلبرتو أداء العديد من لاعبي منتخبنا.
يسعي شحاتة إلي استغلال هذه النقطة بطريقة عكسية وأن يستغلها كمحور
للتحدي بين نجوم منتخبنا من ناحية وفلافيو ورفاقه من ناحية أخري علي أن
يأخذ التحدي الصبغة الجماعية وليس التحدي الفردي الذي شهده اللقاء الودي
بين الفريقين في البرتغال.
وإذا كان منتخبنا قد قدم عروضه في الدور الأول للبطولة أمام المنتخب
الكاميروني ثم تراجع مستواه في المباراة الثانية أمام السودان بسبب حساسية
اللقاءات العربية وهبط المستوي بشدة في مواجهة زامبيا دون مبرر منطقي فإن
الفريق يحتاج إلي الارتقاء بمستواه علي الأقل إلي ما كان عليه في مباراة
الكاميرون إذا أراد التأهل للدور قبل النهائي في البطولة الحالية خاصة وان
المنتخب الانجولي حافظ علي مستواه بل وارتقي به تدريجياً علي مدار
المباريات الثلاث التي خاضها الفريق في الدور الأول للبطولة.
ويضاعف من صعوبة المهمة علي منتخبنا أن الجميع توقع له قبل سفره إلي
غانا ان يخرج مبكراً من البطولة بعد المستوي المتذبذب الذي ظهر عليه في
مشواره بالتصفيات حيث توقع الكثيرون أن الوصول لدور الثمانية سيكون جيداً.
الجدير بالذكر انه علي الرغم من الفارق الكبير في التاريخ بين
منتخبنا حامل اللقب وصاحب الرقم القياسي في عدد مرات الفوز باللقب
الافريقي تتسم لقاءات الفريقين دائماً بالإثارة والفارق الضئيل في النتيجة
فقد التقي الفريقان في تصفيات افريقيا المؤهلة لنهائيات كأس العالم 1994
بالولايات المتحدة ففاز منتخب مصر 1/صفر ذهاباً وتعادل الفريقان سلبياً في
مباراة الإياب.. كما التقيا في الدور الأول لنهائيات كأس الأمم الافريقية
1996 بجنوب افريقيا وفاز منتخبنا أيضاً 1/صفر بينما تعادل المنتخبان 3/3
في المباراة الودية التي جمعت بينهما بالبرتغال في إطار الاستعدادا