فريق أغلبية يرفض سلوكه.. وفريق أقلية
يهتف للفوضيلم أكن أرغب في العودة إلي موضوع عصام الحضري, فقد قلت
ماعندي, لكنني اكتشف أن قصة حارس الأهلي أكبر بكثير من مجرد رحيل لاعب
عن ناديه فجأة, فالناس في مجالسها تناقش قضية المال والعقد المغري وموقف
الإنسان من الانتماء واحترام العقود.. وبذلك فجرت قصة الحضري علي أنها
قضية اجتماعية.. ولكني أعود للقصة لأن قارئة فاضلة اتصلت بي صباح أمس,
وقالت: كنا مجموعة كبيرة من شخصيات مختلفة ومنهم رجال أعمال نناقش موضوع
الحضري, وتطرقنا إلي موقفك ورأيك من احترام العقود والكلمة, وكيف أنها
قيمة اندثرت, فرد أحد الحضور بأني أكتب مايملي علي!
ورديت علي
القارئة الفاضلة وأبلغتها رسالة إلي من يظن أنني من الذين يملي عليهم
مايكتبه..( أرجو أن توصلي الرسالة).. وأضيف أن من يظنون أن كل رأي هو
نتيجة حصة إملاء, هم غالبا الذين تمضي حياتهم بما يملي عليهم في العمل
واللعب والقرار والرأي وفي جلسات الأنس والفرفشة تحت أنغام الدخان الأزرق
في المقاهي وغيرها.. هم من تربوا علي أن يكونوا أتباعا, يجرهم
سيدهم, سواء المال أو المنصب والنفوذ أو المحيط بما فيه من صداقات..
الي حيث يشاء!
لكن الغريب أن البعض ممن تناول موضوع الحضري رأي
أن كل صاحب موقف حاسم من تصرفه هو تعبير عن وجهة نظر النادي الأهلي..
ويدهشك أن كل واحد من هؤلاء يبدأ كلامه بجملة: أنا ضد تصرف الحضري الذي
أخطأ في حق نفسه وفي حق ناديه, وفي حق مجتمعه, ثم يضيف بعد ذلك الجملة
كلمة ولكن, وبعدها ألف جملة أخري تنقض جملة البداية..!
ولأن المسألة باتت قضية مجتمع وليس مجرد لاعب, مرة أخري وأخيرة أسجل مايلي راجيا منكم جميعا التفكير في كل كلمة وحرف:
1 ـ أرفض رحيل عضام الحضري بتلك الصورة, وأري المسألة بالمنظور الاخلاقي, لأنه لم يحترم عقده مع ناديه وتركه في وقت صعب!
2
ـ من حق أي لاعب أن يحترف, وأشجع الاحتراف بالخارج, سواء في سيون
السويسري أو بسيون بكفر الشيخ.. علي أن يتم ذلك في إطار من الشرعية,
بمراجعة النادي, وبالضغط عليه أيضا, وكان يجب أن يصمد الحضري حتي
نهاية الموسم..!
3 ـ من حق أي إنسان أن يترك عمله وناديه حين
يتلقي عرضا أفضل, لكن ذلك لايعني موافقة علي الإخلال بالعقود
والالتزامات.. والعرض الأفضل ليس بالضرورة أن يكون ماديا, فقد يجد
الإنسان في مكان آخر أو ناد آخر ماكان يحلم بتحقيقه من نجاح مهني,
فالذين يبررون للحضري سلوكه يزنون كل شئ بقيمة المال, مع أن هناك قيما
أخري مهمة وقد تكون أهم.. وتمرير وتبرير رحيل الحضري بأنه سعي مشروع نحو
تجربة الاحتراف هو هتاف للفوضي وتشجيع عليها وإهدار لقيم أخلاقية وسلوكية
بقي منها القليل جدا..!
4 ـ التصريحات والكلمات واللكمات التي
اعتبرت الحضري خائنا, وأخذت ترصد ماكان عليه قبل انضمامه إلي الأهلي,
وكيف أصبح بعد أن لعب للأهلي, أضعه كله تحت بند المعايرة,
والتهريج.. أما المطالبة بإسقاط الجنسية المصرية عنه, فهو قمة
التهريج!
5 ـ الخلط بين سلوك عصام الحضري الذي أكد الجميع أنه
مرفوض, وبين قضايا لاعبين آخرين رغبوا في الانتقال للأهلي أو فرضت عليهم
الظروف هذا الانتقال, هو خلط ساذج.. ولكن أكرر قصة حسني عبد ربه,
ومتي تدخل فيها الأهلي وقصة سيد معوض الذي أبلغ ناديه بوضوح أنه لن
يستمر, وكلاهما كانت عنده الأسباب والدوافع, وحسني عبد ربه وسيد معوض
لم يقفزا من شباك الإسماعيلي إلي باب الأهلي.. والأول أعلن أنه يرغب في
البقاء في الإسماعيلي, بينما الثاني انتقل للعب في تركيا برعاية
ناديه..؟
6 ـ الخلط امتد إلي قضايا أخري في سياق إسقاط أحمر
يقصد به الربط بين موقف من يرفض سلوك الحضري, وبين الظن بتبني وجهة نظر
الأهلي.. وهو خلط قد يكون مقبولا من المشجعين, ومن دراويش الأندية,
لكنه خطأ مهني جسيم حين يقع فيه أصحاب أقلام وبرامج فضائية.. لكن للأسف
أصبحت بعض الصحافة الرياضية وبعض الفضائيات تمارس عملها وتطرح آراءها
بأصوات المشجعين المتعصبين.. وهذا تشويه لرسالة العمل الإعلامي, ويقود
الناس إلي البلبلة والاحتقان والغضب..!
وأخيرا.. هناك خطأ وقع
فيه النادي الأهلي, وهو الإعتماد الكامل علي حارس واحد طوال سنوات,
دون منح الفرصة للبديل أمير عبدالحميد, وهذا أحد أسباب المأزق الذي تعرض
له النادي برحيل الحضري!
وقد قلت من اليوم الأول لانفجار قصة
عصام الحضري أننا نعمل في صناعة لايفهم فيها أحد شيئا, لاسيما هؤلاء
الذين يعتبر عملهم الأول انتقالات اللاعبين بين الأندية.. وأكرر آسفا أن
الاحتراف في تعريفه الحقيقي والصحيح هو أن يتقن الإنسان عمله ويكون بارعا
ومميزا فيه عن غيره من الهواه ومن الحواة..