لابد أن نعترف بأن مباراة الأهلي والزمالك
التي يتابعها الملايين اليوم هي حالة خاصة جدا في كرة القدم المصرية,
وليس بمقدور أفضل كاتب سيناريو أن يتخيل مقدما ما سيكون عليه حالها, وما
الذي ستنتهي إليه أحداثها ونتيجتها. ولابد أن نتفق أيضا علي أنها,
شئنا أم لم نشأ, قمة, بالنجوم الكبار أو دونهم قمة, بالناشئين أو
الشباب قمة, بالاحتياطي وأصدقاء الدكة قمة, قمة تسبقها طقوس خاصة,
وتجهيز مختلف, وإعداد ليس مثل غيرها من المباريات مهما حاول هذا الطرف
أو ذاك ادعاء غير ذلك
وعلي امتداد60 عاما منذ بدء مسابقة الدوري
عام1948 التقي الأهلي والزمالك مرارا وتكرارا, وكم من مرة كانت
المؤشرات كلها تذهب في اتجاه تفوق أحدهما علي الآخر في المستوي أو
التشكيل, أو في الحالة العامة للفريق قبل اللقاء, فإذا بالطرف الآخر
هو الذي يتفوق ويفوز. فالحديث عن تفوق لاعبين في هذا الجانب أو ذاك علي
لاعبي الجانب الآخر, أو الحديث عن دهاء مدرب وغباء آخر, قد لا يعني
الكثير أحيانا في مباريات الأهلي والزمالك وأن الفيصل قد يكون في حالة
اللاعبين تحديدا خلال الدفائق الـ90 عمر المباراة
وليس قبلها
حتي لو خالف ذلك المنطق الطبيعي للأمور, وكثيرا ما تخرج الكرة لسانها
للمنطق والعقل في مثل هذه النوعية من مباريات الديربي. وحرب الأعصاب
النفسية بين الجانبين تتواصل عادة قبل المباراة بأيام, وتخرج تصريحات من
هنا وهناك هدفها الأول طمأنة النفس, وتخويف المنافس, لكن يبقي الأهم
دائما ما سيحدث خلال المباراة, ومدي تركيز لاعبي كل فريق وإصرارهم علي
تحقيق الفوز, وأيضا مدي الالتزام بتعليمات المدرب وتنفيذها علي أفضل
وجه, مع التحلي بالروح القتالية العالية
والسعي لإمتاع
الجماهير, والاستمتاع باللعب, فهذا, في تقديري, هو الهدف الأسمي
للرياضة: أن تستمتع وتمتع الآخرين, وتجتهد لتحقيق الفوز, فإن لم
يتحقق فلن يكون ذلك نهاية العالم, مادمت لم تقصر في جهد, أو تبخل
بعرق, ويبقي التوفيق من عند الله.
وعودة مرة أخري إلي لفظ قمة
الذي ذكرته كثيرا في بداية كلامي, فأقول: ليس بالضرورة أن تكون مباراة
اليوم بين الأهلي والزمالك قمة في الروعة أو الجمال, أو ارتفاع المستوي
والمتعة, لأننا قد نراها قمة باهتة بعيدة كل البعد عن المتعة, بل قمة
في السوء, سوء الأداء, وأشياء أخري كثيرة لا تمت لكرة القدم بصلة,
دعونا ننتظر لنري.
ويبقي أن لقاء اليوم إذا ما انتهي بالتعادل
فقد يريح الطرفين, لأنه يعني أن الأهلي البطل لم يهزم في الدوري
الخاص, والزمالك تجنب التردي في حال أسوأ مما هو فيه, وإن كان فوز
الأهلي يعزز سيادته للكرة المصرية, وفوز الزمالك يعيده إلي الصورة بقوة
في كأس مصر ودوري الأبطال الإفريقي, أو علي الأقل يعيد بسمة غائبة عن
جماهيره!