حوار مع إبليس
قابلت إبليس مرات عديدة في حياتي لكن هذه المرة كان أريحيّا جدّا فدار بيننا هذا الحوار:
قلت: حدثني عن البداية
قال: كبرٌ مضمر
قلت: ولكنه ظهر سريعاً
قال: إعلم أنّ ما أضمرته يعلمه الله وسيظهره شئت أم أبيت
قلت: كنت مقرباً فما أطغاك؟
قال: الطمع
قلت: كنت عالماً, أفما علمت نتيجة الطمع؟
قال: مرادات القلوب تطغى على معارف العقول
قلت: فما منعك من السجود؟
قال: الكبر
قلت: والمقارنة؟
قال: حجة باطلة ولكن يكفيك أنّي أوّل من قارن
قلت: فهل فكرت في التوبة؟
قال: كثيرا
قلت: فما يمنعك؟
قال: قد قلت لك: الكبر
قلت: فلم اخترت الإغواء؟
قال: لا أريد أن أكون في النار وحيداً
قلت: يا أبا كردوس، فبم تغوي الناس؟
قال: بالحرص والحسد
قلت: فما مطيّتك إلى الإغواء؟
قال: النساء
قلت: فما بريدك؟
قال: الغناء
قلت: فمن أشدّ الناس عليك؟
قال: العلماء العابدون
قلت: وسائر العلماء؟
قال: أنا أعلم منهم
قلت: فمن احبّهم إليك؟
قال: العلماء الضّالّون
قلت: أويوجد عالم ضالّ؟
قال: عالم يعرف الحق ويعمل غيره فهو ضالّ
قلت: فما يعجبك من زماننا هذا؟
قال: يعجبني كل من دعا إلى خروج المرأة من بيتها
قلت: هم يدعون لخروجها لأمور مباحة
قال: وهذه طريقتي أفتح أمامهم مئة باب خيرٍ كلها تؤدي إلى باب شرٍ واحد
قلت: لعنك الله
قال: قد فعل
قلت: فمن تخشى غير العلماء؟
قال: المجاهدون في الثغور
قلت: فلم لا تخذِّل عنهم؟
قال: قد كفاني غيري
قلت: كيف تسحب الإنسان للمعصية؟
قال: أنا لا أسحبه ولكني أزينها له فقط
قلت: والذي لا تستهويه الشهوات؟
قال: أدعوه للشبهات
قلت: هل رأيت الدنيا قط؟
قال: كيف لا, ولها أدعو!
قلت: صفها لي
قال: عجوزٌ شمطاء تبدي زينتها لكل جهول
قلت: متى تحضر؟
قال: عند الغضب وعند الزحف وما خلا رجل بامرأة إلا كنت أنا ثالثهما فأكون رسولها إليه ورسوله إليها
قلت: بئس الرسول! تكبّرت على آدم في سجدة ثم أصبحت قوّادا لذريته!
قال: مابعد الكفر ذنب
قلت: أعوذ بالله منك ومن عملك
فلما سمع الإستعاذه ولى هاربا وهو يقول: سأعود إليك فحكمة الله تقتضي ذلك