قرار الرئيس مبارك بتشكيل لجنة للتحقيق في إخفاقات بعثة مصر في أوليمبياد بكين, حمل في طياته الكثير من المعاني والدلالات الهامة التي كان علينا التوقف أمامها من البداية, والقرار في حد ذاته حقق الكثير والكثير قبل أن تقوم اللجنة بعملها, أو تنتهي من تقريرها..وهي:
أولا: كان علي الكل أن يفهم أن عودة مصر لتحقيق الميداليات الاوليمبية في أثينا2004, يمثل علامة فارقة بين ماقبلها ومابعدها, قبل أثينا لم نحقق الا فضية واحدة عام1984 للبطل محمد رشوان في الجودو, وحدث الانقطاع الطويل, ثم كانت ميداليات أثينا الخمس, ومن بعدها تراجع العدد في بكين الي ميدالية واحدة, الي جانب نتائج هزيلة.. ومؤسفة.. ومضحكة, ولابد من الحساب, لانه مادمنا قد استطعنا أن نحقق5 ميداليات في دورة, كان من المفترض أن نعمل علي زيادتها, أو علي الاقل الحفاظ عليها.
ثانيا: التزم الصمت كل من كانوا يستعدون لشن حملات دفاع عن أنفسهم, وعن النتائج التي حدثت, وكانت مقدمات تلك الحملات من خرج ليستعير المثل الشعبي الذي يقول:'اطبخي ياجارية..كلف ياسيدي', في أشارة الي أن الميدالية الاوليمبية تتكلف الكثير, وهو كلام غير مقنع لان معني السفر هو السعي لاحراز ميدالية, ولاينفع مثل هذا الكلام بعد العودة, والاكان البعض يجد في السفر..مجرد السفر.. حق امكتسبا, وللعلم..دفعت مصر أغلي ثمن مقابل الميدالية اليتيمة التي حققتها, فقد تكلفت مالم تتكلفه أي ميدالية أخري لاي دولة في العالم!!
ثالثا:وصل الحال ببعض من يعملون في الوسط الرياضي الي حد الدفاع عن الخطأ, والباطل, بعد كل بطولة, وأي بطولة, وباتوا يرددون مبررات, ويتلمسون أسبابا منها المضحك, ومنها المستفز, ومنها السطحي الذي لايقنع طفلا صغيرا, ولم يكلف أحد منهم نفسه في البحث عن الاسباب الحقيقية التي تقف وراء الاخفاق, لان همهم هو البقاء, ولكن سنبدأ الان البحث عن الاسباب الحقيقة, ليتحقق الاصلاح.
* كيف للاعلام أن يتعامل مع قضية مثل قضية كرة القدم في نادي الزمالك؟ السؤال يبدو سهلا أوبسيطا, وربما أجد من يراه أشبه بوصف الماء بأنه ماء, ولكن الامر ليس كذلك بالمرة, فهناك حالة كروية مستعصية, لم تفلح كل' العلاجات' السابقة في مدواتها, وفي كل مرة كان الاعلام- بوسائله المختلفة- يسعي الي القيام بدوره في هذا الاتجاه, ولكن كانت المشكلة في أن هناك من ظل يري أن هذا الاعلام يتخذ موقفا ضد الزمالك, وأنه يناقش مايخصه بشيء من الحدة أحيانا, والتضخيم أحيانا, وعدم الانصاف أحيانا ثالثة, وهكذا لم تكن النظرة تجاه دور الاعلام في الشأن الكروي الزملكاوي, منصفة, أوصحيحة, أوإيجابية, وكان التصور أن الامر تحكمه حسابات, وانحيازات, وتصنيفات, ولست أريد أن أتذكر موقفا عايشته بنفسي, وقت أن صعد الزمالك الي دور الستة عشر علي حساب أفريكا سبور الايفواري بركلات الترجيح من نقطة الجزاء..لاحظوا..الزمالك الكبير, صاحب التاريخ العريض.. يعبر دور ال32, و'بركلات الترجيح', بعد أن تعادل الفريقان في نتيجة مباراتي الذهاب والعودة, وحدث بعد المباراة أن راح اللاعبون يرقصون في فرحة عارمة, وأخذوا يرد
دون أغنية' العتبة جزاز'الشهيرة, وهم يطالبون بالدولارات, أي أنهم يريدون مكافأة للصعود لدور الستة عشر, وعندما أبديت دهشتي واستغرابي علي الوضع, نظرا لان الوضع كان مستفزا بحق, وجدت هناك من يدفع بالحكاية الي مناح أخري, واتجاهات غريبة, وتم نزع الموضوع من إطاره الطبيعي, ولم تعد مسألة تحفظ مني علي تراجع سقف طموحات جيل بأكمله, يهتف.. ويغني..ويطلب الدولارات لمجرد عبوره دور ال32, ولكن صارت المسألة اتهاما بأشياء كثيرة, منها عدم تقدير مايتحقق بشكل جيد, والتقليل من شأن انتصارات الزمالك..نعم, كان هناك من يخرج ليتهم آخرين بأنهم يحاولون التقليل من انتصارات النادي بالصعود لدور ال16 بركلات الترجيح!!
والان..كيف يمكن ان يعالج الاعلام الحالة التي يعيشها فريق الكرة بعد ماظهر في مباراة اسيك في دوري الابطال الافريقي؟ أظن أن الصيغة ستكون صعبة, وليس من السهل الوصول اليها بين يوم وليلة, ولكن هناك مجموعة من الثوابت التي يتعين علي الاعلام التمسك بها كل الوقت, حتي عندما يحقق الفريق الفوز, وهي..أولا: أن الفريق الابيض يحتاج الي إعادة بناء حقيقية, وليس الترميم كما حدث في كل السنوات الماضية.
ثانيا: أول مرحلة في البناء لاتبدأ بضم وجوه جديدة, ولكن برحيل من يستحق الرحيل.. وهم كثيرون وأصحاب أسماء كبيرة!!
ثالثا: اللاعبون وحدهم هم المسئولون عن تردي النتائج, وتواضع العروض, وليس من المعقول أن تتعاقب مجالس الادارات, ويتوالي المدربون, وتتغير كل الظروف, وتبقي الاوضاع علي حالها..هم النجوم ياسادة, وجربوا أن تغيروهم أولا, لانه من الصعب تغيير الجمهور, فهو الذي لم يتغير حتي الان, ولكنه الوحيد بين كل هؤلاء الذي يدفع الضريبة دائما. ضريبة الملايين التي يحصل عليها النجوم