كنت أتحفظ علي تلك القصة حتي لا أثير
الذعر في صفوف اللاعبين وجماهيرهم, وإنتظارا لتحرك الجهات المسئولة عن
إدارة نشاط كرة القدم والنشاط الرياضي كله.. فبعد عودة المنتخب الوطني
حاملا كأس إفريقيا علمت أنه أثناء الفحوصات الطبية التي أجريت علي القائمة
الأولية التي تضم30 لاعبا للمشاركة في البطولة أشارت الأجهزة والتقارير
الطبية إلي إصابة6 لاعبين بالضغط, و3 لاعبين آخرين بعلل طفيفة
بالقلب. والخلل لايعني خطرا محدقا, ولايمثل خطورة مباشرة, لكنه
يتطلب إجراء فحوصات أدق وأشمل وبواسطة كبار أطباء القلب في مصر تجنبا
للأخطار, ومنها خطر الموت المفاجئ, وقد شهدت الملاعب المصرية حالات
وفاة أثارت ردود فعل هائلة في حينها, إلا أننا كما جرت العادة نتحرك بعد
الكارثة, ولانتحرك لتفادي الكارثة!
عندما علمت بنتيجة الفحوصات
التي أجريت علي لاعبي المنتخب, واجهت طبيب الفريق الدكتور أحمد ماجد
بها, وسألته عن الإجراء الذي إتخذه, فقال إنه أبلغ اتحاد الكرة..
وناقش بعض أطباء القلب الكبار في مصر بشأن الفحوصات, وثبت أن الأمر ليس
خطيرا, لكنه طالب بإجراء فحوصات شاملة ودقيقة بواسطة لجنة من أطباء
القلب في مصر.. لكن حتي اليوم لم يتحرك أحد ؟!
وقبل إسبوعين
تقريبا أثار الزميل عز الدين الكلاوي هذا الأمر في مجلة عربية شهيرة,
وأشار إلي أن الفحوصات كشفت عن وجود خلل في قلوب ثلاثة لاعبين من التشكيل
الأساسي للمنتخب الوطني الفائز بكأس الأمم الإفريقية, وأن هذا الخلل
كشفته أوساط الاتحاد الإفريقي لكرة القدم.. التي زادت بأن الخلل في قلوب
اللاعبين شمل العديد من منتخبات القارة التي شاركت في كأس الأمم الأخيرة
بغانا!
الموت المفاجئ في ملاعب الرياضة ظاهرة عالمية, وتعود
إلي عام1948 وكان الطبيب تشارلز فرنجهام أول من قام بدراسة عن الموت
المفاجئ للرياضيين.. وكان مطلع التسعينات عاصفا في الولايات المتحدة,
حين تعرض ستة لاعبين لكرة السلة في دوري المحترفين للموت المفاجئ خلال
عامين. ومؤخرا توفي لاعب سلة أمريكي محترف في نادي الإتحاد بالسعودية.
وقبله حدثت وفيات في ملاعب كرة القدم ومنها وفاة بويرتا لاعب سيفيل
الإسباني, والإسكتلندي فيل أودونيل لاعب فريق مازر ويل ويعتقد أن سبب
وفاة لاعب الأهلي محمد عبد الوهاب كانت علة في القلب, وتلك العلة قد
لاتكشفها الفحوصات العادية.. وكانت أجريت فحوصات علي جميع لاعبي الأهلي
ومنهم عبد الوهاب قبل مشاركة الأهلي في بطولة العالم باليابان..!
ويشير
تقرير للجنة الطبية في الاتحاد الدولي لكرة القدم أن هناك20 ألف شخص
يموتون كل عام أثناء ممارسة الرياضة, وفي الموضوع تفاصيل طبية وأبحاث
كثيرة.. علي الرغم من الفحوصات المتقدمة التي تجري في بعض الدول, لأن
العلم لايستطيع منع الخطر بالكامل, لكن اتحاد الكرة والمجلس القومي
للرياضة عليهما سرعة التحرك, وفرض إجراء فحوصات شاملة ودقيقة علي قلوب
الرياضيين, ولتكن البداية بلاعبي فرق الدوري بجميع درجاته, بحيث تلزم
جميع الأندية بإجراء تلك الفحوصات التي تكلف في المتوسط مبلغا يتراوح
بين700 و1000 جنيه.. ونعتقد أنها في النهاية ستكون تكلفة تافهة
بجوار أسعار اللاعبين وعقودهم التي تكلف الأندية ملايين!
لقد سبق
في شهر إبريل من العام الماضي أن أشرت في مقال هنا أننا أمام ظاهرة
خطيرة, بعد وفاة اللاعب خايرو أندريس ناثاناريو(21 سنة) من إكوادور
وطالبت يومها بإجراء فحوصات دقيقة وعالية المستوي ولم ينصت أحد, وبما
أننا نؤذن في قبرص منذ سنوات.. سنعاود الأذان لعل الأخوة القبارصة
يسمعوننا ؟