بالتأكيد واقعة هروب لاعب الكرة الحضري
لها نهاية!. بالتأكيد أنها بدأت تتراجع ولم تعد حدث رأي عام حتي لو جلس
اللاعب يتكلم في التليفزيون ليل نهار!. بالتأكيد أن واقعة الهروب تصرف
مخالف وشاذ مرفوض ومع هذا حظيت باهتمام إعلامي هائل لم يحدث من قبل مع أي
قضايا أخري في مجالات أخري!. بالتأكيد قضية الهروب شهدت خلطا متعمدا
للأوراق لتجميل موقف اللاعب!. بالتأكيد الواقعة خطيئة تمت معالجتها
بعشرات الخطايا!. بالتأكيد أنها كشفت لنا عن أننا في الأزمات نتكلم
جميعا في وقت واحد بنبرة صوت واحدة عالية ثم نتعجب من أنه لا أحد يسمع
الآخر!
أما المؤكد في كل هذه القضية أن الحقيقة لا تموت مهما حاول البعض إخفاءها!
...................................................
الفضائيات هي التي حولت حدثا عاديا إلي قضية رأي عام والفضائيات فعلت هذا
من منظور الربح تحت مسمي الانفراد لتخرج المشكلة من حجمها وحيزها كخطيئة
مرفوضة من لاعب لاتقبل مزايدة ولا وجهات نظر لأنها ليست خطأ وقع فيه لاعب
إنما هي حالة تآمر ثابتة وحلقاتها كاملة من بدايتها في غانا خلال كأس
الأمم مرورا بالهروب ونهاية بالعودة!. مؤامرة لأن الفارق بين العودة من
غانا ويوم هروب اللاعب.. هذا الفارق لا يسمح بالحصول علي تأشيرة لدولة
أوروبية بما يؤكد أن إجراءاتها بدأت من فترة طويلة!. حالة تآمر لأن
اللاعب عاد للقاهرة تحت زعم رغبته في العودة للأهلي إلا أن الأهلي فوجئ
بأن النادي السويسري يطلب البطاقة الدولية للاعب!. فوجئ الأهلي بأن
اللاعب والنادي السويسري تقدما بشكوي' للفيفا' ضد الأهلي واللاعب موقع
عليها!. الأهلي فوجئ بأن النادي السويسري يطلب التفاوض مرة أخري!
الأهلي
تأكد من أنها مؤامرة عندما طلب من اللاعب الذي يردد أنه يريد الأهلي طلب
منه أن يكتب خطابا يقول فيه إنه لا يريد النادي السويسري ويريد البقاء في
الأهلي ويقدمه لاتحاد الكرة المصري ليرسله بدوره إلي' الفيفا' طلب
الأهلي ذلك من اللاعب ولم يندهش عندما رفض اللاعب كتابة الخطاب لأنه يريد
الأهلي نظريا للمزايدة علي شاشات التليفزيون وصفحات الجرائد!
الفضائيات
تعاملت مع قضية أخلاقية تربوية في المقام الأول علي أنها فرصة جلب إعلانات
والمعلن يدفع بإعلانه لكل ماهو مثير وهروب نجم كرة شهير في ليلة الفرح..
حدث مثير أدي بثلاث وسائل إعلام تليفزيونية.. إلي دفع ربع مليون جنيه
للاعب الهارب لكي تجري حوارات معه وبشرط ألا تزنقه الحوارات وبشرط أن
تتخللها مداخلات من شخصيات متفق عليها لتدافع عن اللاعب الهارب!
...................................................
حدوتة الهروب والأزمة الوهمية التي صنعها الإعلام التليفزيوني كشفت عن
حالات مزاجية للرأي العام بالغة الحدة في تطرفها لرأيها وفي تغيرها من
نقيض لنقيض!
كأس الأمم الأفريقية خلال مبارياتها وبعد الفوز بها
خلقت حالة فرحة طاغية وسعادة في الشارع المصري والخروج التلقائي للناس في
الشوارع وتبادل التهنئة فيما بينهم يؤكد أن انتصارات الكرة أخرجت شعبا إلي
الشوارع يحتفل ويفرح.. وأن نتائج الكرة فرجت عن الناس همومهم ومشكلاتهم
اليومية.. وأن انتصارات الكرة لها فعل السحر علي الناس وعلي توحدهم وعلي
استدعاء انتمائهم..
باختصار انتصارات الكرة جعلت مصر تعيش أياما
سعيدة لا تنسي.. وهذا معناه أن الكرة لها أهميتها وأكدت حاجة الشعب..
أي شعب.. لها!
من هذه الحالة المزاجية الراضية عن الكرة
والمرضية بالكرة إلي النقيض تماما منها خلال الأيام التي حول فيها الإعلام
التليفزيوني حدث هروب لاعب كرة إلي قضية رأي عام تتوالي تداعياتها بسرعة
إلي انقلاب المزاج العام مع أصوات تتزايد تستنكر حدوتة الكرة كلها بدلا من
استنكارها الخطيئة التي وقع فيها الإعلام التليفزيوني تحديدا والإعلام
عموما!. الحالة المزاجية وصلت إلي نقيض ما كانت عليه من ثلاثة أسابيع
فقط من فرحة طاغية لانتصارات الكرة إلي انتقاد هائل لأي اهتمام بالكرة
باعتبار أن هناك مشكلات لها أولويات عن الكرة وكأن الاهتمام بما يسعد شعبا
خيانة أو أنه يجوز الاهتمام بأي شيء إلا المشكلات القائمة!
خلط
هائل ما بين الحقائق يستهدف مشاعر الناس.. والكرة التي أسعدت شعبا
بأكمله من ثلاثة أسابيع هي اليوم التي تدان والاهتمام بها محل انتقاد!
خلط
الأوراق مرفوض والنشاط الذي يسعد شعبا بل أمة هو نشاط مهم بل مهم جدا
والاهتمام به حق وطن وفرنسا عندما فازت بكأس العالم ومن بعدها كأس الأمم
الأوروبية رأينا باريس وضواحيها في سهرة مفتوحة لأيام حول برج إيفل!.
رأينا الرئيس شيراك وهو يكرم منتخب فرنسا وهو يحتفل مع الناس في الشوارع
ولم نر ولم نسمع نقدا للرئيس الفرنسي لأنه ترك مشكلة المهاجرين ووقتها
كانت قضية رأي عام وراح يكرم الكرة ولاعبي الكرة ويسهر مع الناس في
الشوارع فرحا بانتصار الكرة الذي هو انتصار دولة في أحد أهم وأشهر الأنشطة
علي الإطلاق!
أنا شخصيا كمواطن مصري أشكر الرئيس مبارك علي
اهتمامه البالغ بالرياضة وانحيازه الدائم للرياضة والشباب وحرصه الدائم
علي إعادة حق الرياضة في الملاعب!
أشكره لأن الرياضة هي التي تحافظ علي حدود وطن وتسعد شعبا!
...................................................
**
لأنها أصبحت قضية رأي عام ولأنها تخص الرياضة بل كرة القدم التي تحظي
بأكبر شعبية والاهتمام الأكثر.. فإن الكثير من كبار الكتاب كتبوا في
قضية هروب لاعب واهتمام الكتاب الكبار بالرياضة شيء مهم يفيد الرياضة التي
تحتاج إلي مساندة إعلامية وتحتاج إلي نص في الدستور علي أن ممارستها حق
لكل مواطن.. حقه أن يجد الأرض التي يمارس عليها الرياضة ويجد الوقت الذي
يمارس فيه الرياضة باعتبار ممارسة الشعب للرياضة مردودها هائل اقتصاديا
وعسكريا واجتماعيا وأمنيا!
مهم أن يهتم كبار الكتاب بالرياضة لكن الأهم أن يعرفوا صحيح المعلومات عن القضية التي يريدون تناولها!
في قضية هروب لاعب قرأت رأيا يؤيد تصرف اللاعب استنادا إلي أن الاحتراف حق دستوري لكل لاعب ولا يملك ناد منع لاعب من الاحتراف!
هذا الرأي أخذ نصف الموضوع وترك النصف الآخر.. تكلم عن حق دون ذكر للواجب مع إغفال تام للقانون واللوائح!
المواطن.. أي مواطن لاعبا كان أو متفرجا له حقوق لاتحصي كفلها الدستور لكن حصولها لابد أن يكون من خلال قانون ولوائح!
حق
المواطن أن يتعلم بشرط أن يستوفي اشتراطات المدرسة أو الجامعة!. حق
المواطن أن يحصل علي درجة ماجستير ودكتوراه لكن بشرط أن تكون معه شهادة
جامعية بتفوق وهذا يوضح أن الاشتراطات القانونية نقاط مكملة للحق وعليه لا
يصح أن يتقدم مواطن معه الإعدادية مثلا ويطالب بتسجيل الدكتوراه باعتبار
أن هذا حق دستوري!
ونفس الشيء في الكرة حق اللاعب ــ أي لاعب ــ
أن يحترف لكن في إطار النظام واللوائح والقانون وإلا تحولت المسألة إلي
فوضي وكل مصر تصبح حاصلة علي الدكتوراه وكل الأندية ليس فيها لاعبون وكله
بالدستور!
وحق اللاعب الذي هرب أن يحترف.. لكن!. أن يكون ذلك
في إطار قانوني لا يتعارض مع العقد ولا يخالف اللوائح وإن حدث وتعارض
فالأمر يمكن حله بالتفاوض وليس الهروب وإن هرب ودهس اللوائح فالواجب هنا
عقاب القانون هو الذي حدده وليس دعوة للسماح والعفو!
هذه حقيقة
القضية ومنها يتضح أن مخالفة بنود العقد ليست حقا دستوريا ومخالفة اللوائح
التي أقرها القانون ليست حقا دستوريا والتوقيع لناديين في آن واحد ليس حقا
دستوريا.. فأي حق دستوري للاعب هارب؟
...................................................
**
آراء النجوم والمشاهير في قضايا الرأي العام.. لها قيمتها وأهميتها
وتأثيرها علي أغلب الناس في قري ونجوع وكفور المحروسة لأن حجم تأثير الرأي
مرتبط بشهرة صاحبه حيث يتأثر الناس في ريف مصر وربوعها بشهرة النجم وليس
بما يقوله النجم!
تليفزيون مصر العربية ليلة استضافته للاعب
الهارب عصام الحضري.. قام بحملة اتصالات تليفونية بنجوم كثيرين في الوسط
الفني وواحد منهم وهو مطرب شهير تعامل باستخفاف واستهانة مع قضية أخلاقية
في المقام الأول معتبرا هروب اللاعب مسألة عادية بل إنها في نظره مهمة
وطنية تستدعي الترحيب والتهليل والاطمئنان علي سلامة الوصول والعودة إلي
الديار وكأن اللاعب عاد منتصرا من علي خط النار!.
المجاملة واجبة
ومطلوبة لكن في الحق ولا شيء غير الحق لأنها لو جاءت في غير مكانها مثلما
سمعنا وشاهدنا تصبح حقا يراد به باطل.. وهذا ما حدث بكل أسف من أغلب
النجوم المشاهير!. يا خسارة وألف خسارة!
...................................................
** أخطر ما في قضية اللاعب الهارب ترسيخ مضمون إهدار القيم والمبادئ وإنكار فضل الآخر والتصميم علي إهدار حقه!
استوقفني
ولا أعرف كيف لم يستوقف كل من استضافوا اللاعب الهارب.. استوقفني ذلك
التضاد التام بين التصرفات التي فعلها اللاعب والتصريحات التي يدلي بها!
اللاعب
له عقد موقع عليه في الأهلي ومع هذا قام بالتوقيع للنادي السويسري أي أنه
وقع للعب في ناديين وهذه مخالفة وعندما سألوه قال لا أعرف أنها مخالفة
واكتفوا بإجابته وكان يجب أن يقولوا له إنه وهو موجود في الأهلي عايش
حالتين وقعتا والأهلي طرف فيهما وأحدهما اتوقف ستة أشهر سعيد عبد العزيز
والثاني اتوقف سنة أحمد جلال فكيف لا يعرف أن التوقيع لناديين مخالفة؟
اللاعب
وقع للنادي السويسري يوم14 فبراير وبعدها بأيام لعب للأهلي ولم يسأله
أحد كيف واتته الجرأة أن يفعل هذا وما هو المغزي من لعب هذه المباراة وهو
يعلم أنه سيهرب بعدها مباشرة!
اللاعب يقول علي الفضائيات
والأرضيات إنه جاء ليلعب في الأهلي في الوقت الذي فيه رئيس النادي
السويسري تقدم هو واللاعب بمذكرة للفيفا كلها اتهامات للأهلي وشتيمة في
الأهلي وعندما سألوا اللاعب قال إنه لا يعرف لغات وأنه وقع علي كلام لا
يعرفه!
طيب ألا يوجد من يسأل اللاعب الذي هرب: ولماذا لم تتقدم
بشكوي للاتحاد المصري ليرسلها إلي الفيفا تقول فيها إنك بريء من شتيمة
الأهلي واتهامك للأهلي وأنك لا تعرف شيئا عن هذه الشتيمة وتلك التجاوزات
وأن النادي السويسري قام بالتدليس عليك وجعلك توقع علي ورق تجهل المكتوب
عليه؟. ألا يوجد من يقول للاعب كيف ستذهب لهذا النادي السويسري الذي بدأ
القصة بالكذب عليك وجعلك توقع علي شتيمة النادي الذي تربيت فيه!
وحتي
لو لم يسأله أحد.. مفروض أن عشرة12 سنة مع الأهلي بدأها اللاعب مغمورا
لا يعرفه أحد ومع الأهلي ومع فريق الأهلي المكون من11 لاعبا والمقيد
به30 لاعبا وليس حارس مرمي فقط حصل الفريق علي بطولات انعكس أثرها شهرة
ومالا علي كل اللاعبين ومنهم هذا اللاعب الذي أنكر علي الأهلي كل ما هو
فيه ولم يفكرفي إنكار التهم والشتيمة رسميا وعمليا باللجوء إلي'
الفيفا' ويقول لهم إن النادي السويسري قام بالتلفيق وجعله يوقع علي خطاب
لا يعرف فحواه!
لا أحد سأل اللاعب ولا اللاعب سأل ضميره بما يؤكد
ويثبت أنه علي علم ودراية بكل الشتيمة وكل الاتهامات وقناعتي أن الرأي
العام كله يعرف الحقيقة كلها رغم كل محاولات الطرمخة عليها.. لأن
المتلقي قارئا كان أو مستمعا ومشاهدا سيبقي دائما الأذكي!.
...................................................
** هذه الرسالة أهديها لكل المصريين وتحديدا لشبابنا المستهدف بأكبر حملة تشكيك وإحباط