اسدل الستار علي دورة بكين الاولمبية وعادت البعثة المصرية الي القاهرة محملة بخيبة الأمل بعد ان أخفق لاعبونا في تحقيق طموحات وتوقعات الملايين من عشاق الرياضة في مصر واكتفوا بميدالية برونزية وحيدة أحرزها هشام مصباح في منافسات الجودو.
لذلك حرصت "الجمهورية" علي اللقاء مع المهندس محمد شاهين رئيس البعثة قبل مغادرة بكين عائدا الي القاهرة.. ودار معه هذا الحوار:
* ما تقييمك لأداء البعثة في بكين؟ وهل كان ذلك متوقعا قبل السفر؟
ـ لاشك في أن الأداء كان مخيبا للآمال والميدالية البرونزية التي عادت بها البعثة لا تتناسب مع حجم المشاركة أو التوقعات التي صاحبت البعثة في أولمبياد بكين فقد سافرت البعثة وهي تأمل في احراز عدد من الميداليات في منافسات الملاكمة والمصارعة والجودو والسباحة الطويلة والخماسي الحديث والتايكوندو.
* وما الذي حدث في بكين ليقتصر حصاد البعثة علي برونزية واحدة؟
ـ كان الأداء هزيلا من بعض الاتحادات علي عكس الوعود التي قدمتها هذه الاتحادات. والنتائج تؤكد ذلك.
* إذن.. فما هي الاتحادات التي تراها مقصرة بالشكل الذي أدي لهذا المستوي الهزيل من الأداء؟
ـ أبرز الاتحادات المقصرة بالفعل كان اتحاد السباحة فعلي مستوي السباحة القصيرة ظهرت المشاركة دون المستوي بينما كانت الصدمة علي مستوي السباحة الطويلة والدليل هو احتلال محمد الزناتي المركز 20 من بين 25 متسابقا حيث أكد مدرب الزناتي ان اللاعب تغيب عن التدريبات لمدة أربعة أسابيع بعد وفاة والده قبل شهر ونصف الشهر علي انطلاق فعاليات الأولمبياد ورغم ذلك لم يتحرك اتحاد السباحة بينما لم تكن مشاركة السباحة التوقيعية أمرا سيئا علي الرغم من احتلال المركز الأخير حيث ظهرت اللاعبات بشكل جيد رغم صغر سنهن وقلة الخبرة مقارنة بباقي المنافسين.. وفي اتحاد الرماية كانت النتائج سيئة للغاية فهي لعبة رقمية ولكن لاعبي البعثة احتلوا مراكز متأخرة للغاية في مختلف المسابقات.. أما بالنسبة لكرة اليد فلا أملك الا أن أقول "ربنا يسامحهم" وبالنسبة للجمباز أكدت المشاركة أن أياً من اللاعبين محمد سرور وشيرين الزيني لم يكن مؤهلا للمشاركة فالأول كان مصابا والثانية سقطت من علي المتوازي.. أما ألعاب القوي فتحتاج الي اعادة الحسابات والمراجعة بعد ان شهدت مسابقة رمي المطرقة ثلاث محاولات فاشلة وحقق عمرو الغزالي رقما بعيدا عن رقمه الشخصي في مسابقة رمي القرص وكانت الحسنة الوحيدة هي نجاح عمرو مسعود في تحطيم الرقم القياسي المصري لسباق العدو 200 متر لتكون المرة الأولي التي يحدث فيها ذلك في تاريخ المشاركة المصرية في الأولمبياد.. وبالنسبة لاتحاد المبارزة لم يقدم أي شيء فلم يحقق أي لاعب أي فوز سوي فوز لاعبة علي زميلتها التي أوقعتها القرعة في مواجهتها.. ولا يختلف الحال بالنسبة للكرة الطائرة التي لم تحقق الفوز حتي ولو بشوط واحد علي مدار المباريات الخمس التي خاضتها.
* وماذا عن باقي الرياضات واتحاداتها؟
ـ باقي الاتحادات لا يمكن الحكم عليها بالفشل فقد كانت هناك محاولات لكنها لم ترق لمستوي المنافسة علي الميداليات وربما تكون المبالغة في التوقعات هي المشكلة في أداء هذه الاتحادات مثل الخماسي الحديث الذي ذهب الي بكين وهو يتوقع فوز آية مدني بميدالية ولكن علي الرغم من أداء آية الجيد في كل من الرماية والمبارزة والسباحة والعدو ونتائجها الجيدة في هذه المسابقات كانت الصدمة كالمعتاد في الفروسية ولا يمكن القاء اللوم علي الجواد الذي كانت تمتطيه فهي مشكلة تكررت معها ومع زميليها عمرو الجزيري وأمنية فخري في هذه الدورة ومنافسات أخري سابقة مما يعني ضرورة التركيز علي تدريبات الفروسية في الفترة المقبلة لحل هذه المشكلة.. كما عاند الحظ اللاعبة نهي صفوت التي تدربت جيدا في التايكوندو لكن القرعة وضعتها في مواجهة صعبة في بداية مشوارها بالمسابقة حيث وضعتها في مواجهة مع اللاعبة التي خاضت النهائي فيما بعد ورغم ذلك فازت نهي بالمركز الخامس.. ونفس الحال كان في منافسات الجودو ولكن مصباح فاز بالبرونزية وكان يستحق الذهبية لولا انذار غريب من حكم مباراته الأولي التي خسرها كما فاز زميله أمين الهادي بالمركز الثامن وزميلتهما سماح رمضان بالمركز السابع.. ونفس الحال ينطبق علي رفع الأثقال حيث حقق الرباعون مراكز جيدة ومبشرة كما ظهرت بعض المحاولات الجيدة من قبل الملاكمين لكنها لم تسفر عن شيء.
* وماذا عن المصارعة والتجديف؟
ـ النتائج تتحدث عن نفسها في المصارعة فلم يحقق أي مصارع الفوز في أي جولة كما فشل المصارع كرم جابر في اللحاق بالقطار حيث لم يتدرب جيدا وبدأ تدريباته متأخرا في آخر خمسة شهور قبل الأولمبياد ليفشل في الدفاع عن لقبه الأولمبي.. أما بالنسبة للتجديف فقد وعد قبل السفر الي بكين بميدالية وأنفق الاتحاد علي الاعداد لبكين تسعة ملايين جنيه خلال عام واحد ورغم ذلك احتل الفريق المركز الثالث عشر في مسابقة القارب الرباعي.
* هل يعني ذلك أنك راض عن أداء البعثة باستثناء الرياضات الفاشلة؟
ـ لا بالطبع فالميدالية البرونزية لا تتناسب مع حجم البعثة علما بأن الفوز بخمس ميداليات متنوعة في أولمبياد أثينا سيضاعف من المسئولية عل كل البعثات المشاركة في الدورات التالية وأري انه من الصعب أيضا الوصول لهذا العدد أو تحقيق نتائج مرضية في أولمبياد لندن .2012
* هل تري أن الأداء الهزيل للاتحادات هو السبب الرئيسي وراء الاخفاق في أولمبياد بكين؟
ـ السبب الرئيسي ليس الاتحادات الرياضية وعلي الرغم من وجودي في اللجنة الأولمبية أؤكد انها السبب الأول فاللجنة تشهد أسوأ ادارة علي الاطلاق منذ زمن طويل بل انها وصلت لأسوأ شكل ممكن في السنوات الأربع الأخيرة.
* ماذا تعني بسوء الادارة وكيف أثر بهذا الشكل علي أداء بعثتنا في بكين؟
ـ اللجنة من داخلها تعاني من التفتيت واثر ذلك علي البعثة قبل وأثناء الدورة.. فقدق خرجت رانيا علواني علي الملأ قبل بداية الدورة وأكدت أن مصر قد تتعرض للايقاف عن المشاركة في الأولمبياد من أجل التعديل في اللوائح الذي يرغب فيه المجلس القومي للرياضة وهو أمر أكدت الأيام القليلة الماضية عدم صحته.
* هذا ما كان قبل الدورة.. فلماذا حدث أثناء الدورة نفسها؟
ـ أؤكد ان الادارة الحالية للجنة الأولمبية لا تصلح حيث فقدت أهليتها بالفعل ويكفي أن يعرف الجميع أن هناك أربعة من أعضاء اللجنة والمسئولين كان همهم الأول خلال فترة الأولمبياد هو تحفيز مسئولي اللجنة الأولمبية الدولية ضد التعديلات التي يسعي اليها المجلس القومي للرياضة واجتمعوا أكثر من مرة مع مسئولي اللجنة الأولمبية الدولية من أجل ذلك وتحفيزهم علي معاقبة مصر بالايقاف أو ما شابه ذلك.
* وما الهدف من ذلك؟
ـ الهدف واضح وهو رغبتهم في ايقاف التعديلات القادمة في لوائح الاتحادات الرياضية واللجنة الأولمبية من أجل الصراع علي المناصب في اللجنة والاتحادات.
* ذكرت أن المنافسة علي ميداليات في أولمبياد لندن ستكون في غاية الصعوبة فما هو الحل للتطوير؟
ـ يجب تطوير الاتحادات الرياضية بالكامل وهو ما تسعي اليه التعديلات الجديدة كما يجب البدء في العمل بفكر جديد سواء داخل اللجنة الأولمبية أو علي مستوي الاتحادات كما يجب الاهتمام بشكل أكبر علي رفع مستوي الألعاب النزالية مثل التايكوندو والجودو والمصارعة والملاكمة بالاضافة لرفع الأثقال لأن معظم الميداليات والمراكز الجيدة للبعثات المصرية في الدورات الأولمبية كانت في هذه الرياضات.
* ولكن هل يعني ذلك تراجع الاهتمام بالألعاب الجماعية؟
ـ لا بالطبع فالاهتمام بالألعاب الفردية خاصة النزالية لن يكون علي حساب الألعاب الجماعية ولكن يجب أن تأخذ جميع الرياضات حقها من الاهتمام وهي مسئولية مشتركة بين اللجنة الأولمبية والاتحادات.
* وماذا عن مشروع البطل الأولمبي؟
ـ مشروع فاشل لأن قيادته من نفس اللجنة الأولمبية التي أثبتت فشلها؟
* وماذا عن الكشف عن المواهب؟
ـ هي مهمة الاتحادات ولكن يجب أن تكون بالتنسيق مع لجنة للتخطيط باللجنة الأولمبية أيضا. وأحب أن أوضح أن المواهب موجودة بالفعل وتتوافر في كل مكان لكنها تحتاج إلي البنية الأساسية فليس لدينا الملاعب التي تمارس فيها هذه المواهب الرياضة ومن ثم فان أهم الامكانيات الواجب توافرها هي الملاعب خاصة ان الحديث عن الرياضة في المدارس وضرورة اعادتها أصبح مثل "الطبيخ البايت" وكلام علي الورق أو في الخطب والندوات لأن الرياضة في المدارس تحتاج أيضا لملاعب ومن ثم فان توفير البنية الأساسية هو الشيء المهم.
* وماذا عن الاستعانة بالمدربين الأجانب والتفاوت الرهيب في الرواتب بين مدرب يحصل مثلا علي نحو ستة أو عشرة لاعبين يتنافسون في رفع الأثقال أو المصارعة وغيرها من الألعاب الفردية ومدرب آخر يحصل علي نحو ثلاثة أضعاف هذا المبلغ لاعداد فريق مثل منتخب كرة اليد لينال حفنة من الهزائم في الأولمبياد؟
ـ اللجنة الفنية باللجنة الأولمبية يجب أن تضع مع الاتحادات حدا لرواتب المدربين الأجانب طبقا لخبراتهم ونتائجهم السابقة مع الفرق الأخري وغيرها من المعايير علي ألا يكون ذلك معايير علي الورق فقط.. ومن ثم يحتاج ذلك أيضا الي لجنة أولمبية قوية.
* صدر قرار سابق بعدم مشاركة أي رياضة لا تضمن الفوز بمركز متقدم وبعدها اختفي هذا القرار؟
ـ لست مع هذا القرار بالطبع لأنه من الصعب حرمان لاعب أو لاعبة اجتهد لسنوات وتأهل للأولمبياد من المشاركة في الدورة مثلما هو الحال بالنسبة لعدة لاعبين مثل نهي صفوت في التايكوندو كما ان المشاركة في أولمبياد أثينا بعيدا عن هذا الشرط أفادت لاعبة مثل آية مدني التي تحسن ترتيبها من الثلاثين في أولمبياد أثينا عندما كانت في السادسة عشرة من عمرها الي الثامنة في أولمبياد بكين بعدما اكتسبت الخبرة والثقة.
* أخيرا.. من يحاسب المخفقين في بكين؟
ـ لا أعتقد ان هناك حساباً لهم لأن الحساب يجب أن يأتي من اللجنة الأولمبية وهي أضعف من ذلك حيث لا تملك القوة لمحاسبة الفاشلين رغم ضرورة ذلك.